رابط المقال على الجزيرة اونلاين http://www.al-jazirahonline.com/2012/20120724/wr16709.htm
قبل عشرين عاما تقريبا كنا نقوم بصناعة دمى مسرح العرائس بأيدينا بعد ان نختار الشخصية التي نرغب بأدائها من بعض القصص ، ونقوم بتقسيم الأدوار ومن ثم أدائها ، وبالرغم من ان أفلام الفيديو الكرتونية كانت رائجه جدا إلا أن مسرح العرائس كان اهم نشاط نقوم به ونستعد له بشغف.
اليوم استغرب جدا حين يسألني احدهم أن اطفاله لا يملكون اداة ترفيه سوى الأجهزة والهواتف الذكية، فهل سأل نفسه ما هو البديل المقترح للطفل بدل من الالواح الرقمية؟
ان اللعب بالنسبة للاطفال وكانها فقاعات تخرج من اعماقه تنعشه وتنعش حواسه ،ومحاكاة الطفل لما يحصل حوله من مواقف من خلال اللعب تكسبه مهارات كثيره، والتمثيل وان كانت أدوار تحكي تفاصيل يومية عادية، لكنها بمثابة الدروس العملية التي يقوم بها الطفل وتحفر في ذاكرته متقمصا شخصيات احاطت به بكل ما تحويه من سلب وايجاب!!
كم مرة دخلت لترى طفلك وقد خط شاربا ووقف امام المرآة ليقلدك؟ وكم مرة رأيت فتاتك الصغيرة تحمل عروستها وترتدي الكعب تحاكي تصرفاتك امام صديقاتك؟
اطفالنا اليوم اصبحوا يستمدون جل معلوماتهم عن العالم الخارجي من وسائل الاعلام المختلفة، وهذا سبب في قلة تفاعل الأطفال مع البيئة المحيطة بهم سواء في المنزل او المدرسة أو حتى الأماكن العامة.
ومن يشاهد هذا الكم الهائل من البرامج وخاصة العالمية والتي تم صنعها باتقان تبهر الكبار قبل الصغار مقارنه بالبرامج المحلية ، يدفعنا للتفكير: هل ما يتلقاه الطفل من وسائل الاعلام هو مفيد له ولسلوكه؟
في الحقيقة ان وسائل الاعلام الموجهة للطفل تملك تأثيرا على الأطفال يتراوح ما بين 35% الى 40% اي ان 4 مفاهيم تربوية وأخلاقية وسلوكية مصدرها وسائل الإعلام بينما 6 مفاهيم مصدرها المنزل والمدرسة والمجتمع المحيط بالطفل ، وهذا قد لا يخدم اهداف الوالدين في اكساب أطفالهم السلوكيات الصحية في مرحلة الطفولة!!
اذا .. لماذا عليكم إنتظار برنامج تلفزيوني او فلم حتى تتمكنوا من زرع الخصال الحسنة في شخصيات ابنائكم، بينما انتم قادرين على خلق جو ترفيهي خاص بكم كعائلة ولن تنسوه ابدا، كما ان دروسه ستبقى محفورة في ذاكرة ابنائكم.
ان الأطفال بطبعهم يميلون لحب الاستطلاع والاكتشاف واللعب سيشبع لديهم الكثير من الفضول كما أنها فرصه جيده للرد على تساؤلاتهم التي لا تجدون الفرصة المناسبة في طرحها أو حتى تنبيههم حول بعض الأمور التي لا ترغبون ان يقوموا بها، كما انكم ستحظون بالفرصة للجلوس معهم وقيامكم بصناعة تلك الدمى التي ستحركونها بايديكم ،وخاصة ان هناك الاف الفيديوهات المعروضة في الانترنت والتي تشرح طرق صناعتها باسلوب بسيط وشيق.
اثناء لعبكم مع اطفالكم او على الاقل بقائكم معهم لمراقبتهم بإمكانكم إكتشاف شخصياتهم، وطبيعة ردود افعالهم تجاه المواقف التي يؤدونها، انها افضل وسيلة تساعد ابنائكم على التعلم وتنمية مهارات عقلهم في التفاعل مع الأخرين.
يقول الدكتور ستيوارت براون المتخصص في الطب النفسي المعاصر: " ان الأطفال الذين يمارسون هواية تمثيل الأدوار ومحاكاتها هم الاقل عرضة للاكتئاب، لانهم اكتسبوا مهارات التعايش مع المشاكل واستطاعوا تخطيها بشكل مستمر وامتلكوا حس الدعابة في مواجهة المواقف الإفتراضية المختلفة"
لذا عليكم السعي بجد لتقوية علاقاتكم باطفالكم من البداية ، ساعة اسبوعيا تقضونها معهم منذ نعومة اظافرهم لتحكوا لهم قصص حصلت معكم او قصصا قرأتموها في احدى الكتب وتشاركون أطفالكم متعة صناعة الشخصيات التي ستقومن فيما بعد بأدائها، فالأطفال هم لوحه انتم ترسمونها بألوانكم وأقلامكم لتعرضوها لنا في المستقبل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق