بحث هذه المدونة الإلكترونية

درهم وقاية لأطفالنا..





رابط المقال في الجزيرة اونلاين :


وصلتني رسالة من شابة في العشرين من عمرها تخبرني وكلها ألم ورغبة بأخذ العظة والعبرة مفادها أنها كانت ضحية تحرش جنسي من أخيها منذ أن كانت في الثامنة من عمرها، وما ان قمت بعرض قصتها عبر تويتر حتى استلمت اكثر من ثمان حالات لفتيات بنفس العمر تعرضن لتحرش في الطفولة من بعض محارمهن.
هذه القصص ليست من نسج الخيال ولكن هي مشكلة حقيقية تحصل في كل العالم وليست مقتصرة على مجتمعنا، ولكن الفرق بيننا وبينهم هو وجود أرقام وإحصائيات وأيضا قانون صارم يجرم الاعتداء على الأطفال.
نحن لا نملك برنامج توعية شامل على مستوى المملكة موجه للأطفال و للأهل والمربين، ولذلك من الطبيعي أن يتعامل الأهل مع حالات الاعتداء الجنسي على الأطفال وكأنه عار لحق بهم وبالطفل المسكين الذي لا يملك حولا ولا قوة وقد تصل أحيانا لضرب الطفل المظلوم إذا اكتشف الأهل ما حصل معتبريه سبب بهذه المشكلة!!
كما ان المجتمع يجهل عقوبة المتحرش جنسيا بالأطفال وما هي الأحكام الشرعية والقانونية لمن يقوم بانتهاك عرض طفل أو فتاة وخصوصا لو كانوا من محارمه؟
ماذا لو قامت وزارة الإعلام بطرح مسابقة لتصوير مشهد توعوي يوضح آلية التثقيف الجنسي عند الأطفال والأهل والمقطع الفائز يعتمد كمادة تثقيفية تعرض مرارا وتكرارا في القنوات حتى يعي الأهل ما هي المشكلة وأسبابها وكيفية التصدي لها.
وماذا لو قامت وزارة الشؤون الاجتماعية بإنشاء حسابات توعية عن العديد من المشاكل الاجتماعية ومن ضمنها قضية التحرش الجنسي بالأطفال عبر شبكات التواصل الاجتماعية بالإضافة لإنشاء موقع إلكتروني متخصص للرد على الاستفسارات هذا من شئنه رفع الوعي لدى شريحة كبيرة من مستخدمي الإنترنت والذين بلغوا بحسب إحصائيات هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات الى 14 مليون مستخدم.
بل قد تساهم هذه الطريقة بتوفير وظائف لخريجات علم النفس والاجتماع واللاتي لم يجدن عملا مناسبا لهن ليقمن بالرد على تلك الاستفسارات والحديث عن هذه المشاكل بعد إخضاعهن لدورات مكثفة في كيفية التواصل مع الجمهور وتلقي استفساراتهم.
ماذا لو قامت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالتعميم على أئمة المساجد للحديث في خطبهم عن خطورة وأهمية هذا الموضوع الشائك، كما انه سيكون لجهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الدور الفعال في رفع مستوى الوعي لدى الشباب وخصوصا المراهقين بحرمانية التحرش الجنسي بالأطفال والمحارم.
ويؤسفنا حقا أن لدى الجمهور قصور في معرفة آلية التبليغ والجهات المعنية في تلقي الحالات أو متابعتها بالرغم من توفير خط 1919 والخاص بالشؤون الاجتماعية وهناك أيضا خط مساندة الطفل 116111 والتابع لبرنامج الأمان الأسري، هذه الأرقام إحدى المشاريع الوطنية والتي خصصت للحد من مخاطر هذه المشكلة ومشاكل تربوية وأسرية عديدة.
لا ننكر انه تم مؤخرا تداول موضوع التحرش الجنسي عبر الصحف وبعض البرامج التلفزيونية ولكنها لا تعد كافية لأنها بالغالب تطرح ما يعني ذوي الاختصاص والنخبة من المهتمين ولا تصل بذلك لعامة الجمهور ولا تراعي مختلف مستوياتهم الثقافية والاجتماعية.
حتى أن للمدرسة الدور الأهم في تثقيف الأطفال بأهمية حماية أنفسهم من خلال ورش تفاعليه لتعليم الطفل بالممارسة وما هي المناطق التي يجب عليه حفظها في جسمه وعدم السماح لأي شخص بلمسها أو النظر لها، وهذا ما لا يمكن تحقيقه بإلقاء محاضرة نظريه للطلاب.
قبل أن يصبح التحرش الجنسي بالأطفال هاجس الأهل وسبب في قلقهم علينا ان نقدم كل ما هو بالإمكان لنصل لمستوى وعي تام بالمشكلة ومن ثم الالتفات الى طرق العلاج بعد حصولها.
قديما قيل :" درهم وقاية خير من قنطار علاج"
نحن بحاجة لأن نعمل سويا أفراد ومؤسسات يدا بيد لمواجهة هذه القضية، سننزع الأقفال عن أفواهنا وسنتعلم كيف نحارب تلك الوحوش البشرية بالعلم والمعرفة، فأطفالنا ليسوا دمية بيد مسخ بشري, هم أزهار حياتنا سنسقيهم الحماية والحب بكل ما أوتينا من قوة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق