بحث هذه المدونة الإلكترونية

الإعلام.. بين التقليدي والحديث

رابط المقال في الجزيرة اون لاين
 http://www.al-jazirahonline.com/2012/20120820/wr18867.htm

ظهرت في الآونة الأخيرة العديد من وجهات النظر التي تتنبأ بزوال الإعلام التقليدي (مقروء - مرئي - مسموع)، مشيرين إلى دور الإعلام الحديث أو شبكات التواصل الاجتماعية، وما تسمى أيضاً (بصحافة المواطن)، والتي أدت إلى توفير المعلومات والأخبار للمتلقي وهو ما لم تستطع توفيره وسائل الإعلام التقليدي نظرا إلى محدودية إمكاناتها أو انخفاض سقف الحرية لديها.
وأذكر هنا -على سبيل المثال لا الحصر- قضية زواج لفتيات قاصرات كادت تحدث في إحدى القرى, فما كان من معلمتهم إلا أن أرسلت لي رسالة عبر تويتر تبلغني بما حصل وقامت إحدى الأخوات الناشطات في مجال حقوق الطفل بالتحقق من صحة المعلومات، ومع استمرارنا في كتابة القضية على مدى يومين عبر تويتر والفيسبوك لم يكن هناك أي أثر يذكر حتى قام بعض الصحفيين بنشر القصة بالصحف، والذي أدى إلى التحرك من قبل الجهات الرسمية لإيقاف هذا الزواج.
وقائمه القصص والقضايا تطول حول أهمية النقل من شبكات التواصل الاجتماعية إلى الإعلام التقليدي أو العكس, وفي الواقع يعتبر ما يحصل الآن نقلة نوعية في عالم الإعلام للإيجابية طبعاً.
كل هذا يضعنا أمام العلاقة التي تربط الإعلام الجديد بالمسؤولية الاجتماعية، فهي تعزز من الترابط والتكامل بين أفراد المجتمع؛ مما يتيح بيئة صحية لتبادل الأفكار والحوار والتواصل دون الالتفات للفروق الاجتماعية والمسافات التي تفرق بين المستخدمين.
جميع هذه العوامل خلقت مناخاً إعلامياً غير محدود يفرض على المرسل والمتلقي تعزيز الرقابة الذاتية والحرص على رعاية المبادئ الإنسانية بغض النظر عن الخلفية الثقافية أو الدينية أو الجغرافية للآخر محدثاً بذلك نقلة نوعية في طبيعة المستخدم من متلقٍ عادي إلى مرسل نشط يمكنه أن يكون منبراً ذا تأثير على المحيطين به.
ويرى ياسر بكر، وهو أحد المهتمين بالشأن الإعلامي، أن الإعلام التقليدي يمكن تلخيص ما يقدمه في أنه: ما تعتقد القناة أو المجلة أو الجريدة أو الإذاعة أنك تحتاج أن تعرفه، فتسعى الجريدة مثلا أن تقدم لك باقة من المعلومات المحلية والعالمية، وأن تغطي لك جوانب السياسة والاقتصاد والرياضة والفن. ويعتمد نجاحهم على دقة توقعهم لما يشدك ويهمك.
أما الإعلام التفاعلي أو البديل في المقابل, فهو: ما تريد أن تعرفه أنت، فأنت رئيس التحرير! ومع الوقت ستفتح وتغلق مختلف المصادر (أفراد, حسابات, مواقع, ....) لتصمم باقتك الإعلامية بنفسك وبحسب اهتماماتك.
والواضح هنا، ولأغلب المراقبين، هو مجموعة المزايا التي يتفوق فيها الإعلام البديل كمصدر للمعلومة عن الإعلام التقليدي (السرعة, الدقة, التنوع, التفاعل....). لكن التساؤل المشروع هو أن الاعتماد الكلي على الإعلام البديل قد يحصر اهتمام الفرد فيما يحب فقط لدرجة تجعله محدود الاطلاع، بل قد يحرم نفسه من الاستكشاف خارج حدود الاهتمام والبحث خلف الخبر الصادر عن إحدى الجهات الإعلامية للتحقق من صحته.
لذلك يمكن القول إننا لا يمكننا الفصل بين دور الإعلام التقليدي والإعلام الجديد (على الأقل خلال السنوات القادمة) فكلاهما مكمل للآخر, فمهما بلغت أهمية تناقل الأخبار من خلال شبكات التواصل الاجتماعية إلا أنها ستبقى حبيسة أروقة تلك الشبكات ما لم يتدخل الإعلام التقليدي وينقلها بشكل رسمي، علماً بأن الإعلام التقليدي يجب أن يتوجه لاستخدام التقنيات الحديثة ويبدأ الابتعاد عن أساليب النشر التقليدية؛ حتى يتمكن من مواجهة التحرك الحاصل في عالم الإعلام الرقمي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق