بحث هذه المدونة الإلكترونية

شبح الواسطه





في حديثنا عن الخدمات المقدمه لنا كمواطنين سواء صحية او تعليمية او أمنية او او او فأننا نسمع الأصوات تتعالى بعدم وجود مثل هذه الخدمات، وأن المواطن مكلف بتوفيرها من جيبه الخاص.

وبالنظر جيدا لجهود الدولة ( من الدول الأكثر تصديرا للبترول ) نجد أنها وفرت تلك الخدمات بل وسنفاجاء بالأرقام المذكورة لنا عبر وسائل الإعلام، حتى أننا نظن لوهلة بأننا سنفيق ذات صباح ونجد أنفسنا نقطن في بلد تتصدر قوائم العالم من حيث التقدم الصناعي والتجاري والترفيهي والتعليمي والصحي وحتى العسكري.

ولكن للأسف حتى هذه اللحظه لم تنبت تلك المدينة في وطني!!

وإن بحثنا عن الأسباب لما رأيناها وكأن مرض ينهش جسد وطني الشاب المندفع تجاه عجلة التطور.
لنعود أدراجنا خائبين متسائلين : ما السبب؟

والمعادلة هي كالتالي:

بنية تحتية وجهات حكومية معنية بتقديم الخدمات = خدمات مقدمة للمواطن = رقي الوطن ولحاقه بركب التطور العالمي

الدولة وفرت الشق الأول من هذه المعادلة، لكن لم نصل للآن للشق الأخير!!

وإن أمعنا النظر بحثا عن الأسباب لوجدناها تلتف حول جزء المعادلة الأوسط متمثله في ( واسطه ، رشوة ، قلة امانه وظيفية ، انعدام ثقافة الولاء لدى الموظف ) ولعل هناك أسباب اخرى لم أراها بعد بالعين المجردة.

وهذا ذكرني يوم تعرضت سيارة اخي للسرقه، وحين قدم بلاغا كان رد رجل الأمن ( تصلنا اكثر من ٥ بلاغات يوميا عن سيارات مسروقه، أحمد ربك أن اهلك لم يكونوا بداخلها )!!
هنا الدولة وفرت لنا جهة نتوجه للأبلاغ عن حالة سرقه، لكن ما ذنبها في تقصير أحد أفراد الأمن بالتعامل مع الموقف؟!

واذكر أن إحدى صديقاتي (طبيبة جراحه حديثة التخرج) كانت تحكي لنا عن طفلة ماتت بين أيديها منذ ايام نتيجة إهمال والدتها، فقلت لها هذا إهمال هل قدمتِ بلاغا؟ فقالت لي أنها بلغت قسم الخدمات الإجتماعية بالمستشفى!!
فسألتها ألم يخبروكِ بأن هناك قانون إلزامية التبليغ للأطباء صدر عام ٢٠٠٨ ؟ فأجابت بالنفي، بل وذكرت أنه يمنع عليهم التبليغ إلا من خلال قسم الخدمات الإجتماعية!!
هنا صديقتي كمواطنه أولا وكطبيبة ثانيا لم تمنح حق معرفة دورها وواجبها تجاه المرضى، بل وتم التعتيم والتنبية عليهم بعدم التعاطي بهذه الأمور ملغيين دور جهة حكومية أخرى وضعت لأحصاء هذه الحالات!!
وكم أتمنى أن اذكر مافي جعبتي من قصص وحكايا التي لن تنتهي من مواقف مماثله.


جميعنا نلوم الوطن في عدم قدرته على توفير الحد الأدنى من الخدمات للمواطن وجميعنا يعلم بالأسباب، لكن لم نعترف يوما بأننا شاركنا بل ودعمنا تلك الأسباب!

يوجد مدارس والتعليم مجاني ، ونشتكي من سوء التعليم لدينا!!
يوجد مستشفايات وقطاعات صحية، ونشتكي من سوء الخدمات الصحية!!
يوجد شرطة وقطاعات أمنية، ونشتكي من إنعدام جزئي للأمن ( للمصداقية نحن أفضل من غيرنا بمراحل الحمد لله رغم بعض القصور)!!
يوجد ويوجد ويوجد ، لكن لا خدمات!!

أسباب عديدة أدت بنا لهذة الحال، إلا أن أعظمها برأيي الشخصي يكمن بعدم زرع ثقافة حب الوطن لدى أطفالنا ومراهقينا.
كيف لنا أن نبني وطننا ونحن من ضحكنا حين رأينا أبناءنا يقطفون أزهار حدائقه العامه؟!
ولم نحرك ساكنا أمام خربشاتهم على طاولاتهم المدرسية!
او حتى حين رأينا كتبهم وكأنها مرت على مئة شخص قبل وصولها لأيديهم؟!
وان أسهبت بسرد الأحداث لن أنتهي إلا بمجلدات.

وهذه المسؤولية لا تخص الوالدين فقط، بل ايضا لوسائل الإعلام الوطنية دور ، وللمعلمين دور، ولرجال الأمن دور ، ولكل مواطن ومقيم يحيى على هذه الأرض دور!

كما أن هناك سبب يدعونا للنظر في عدم توفره، لماذا لا تقوم كل جهة معنية بالأعلان الدائم والمستمر لدورها في الوطن ونوع الخدمات التي تقدمها لنا؟
لماذا لا أعلم أين أتوجه وما علي فعله حين أدخل لإحدى تلك الجهات؟
لماذا لا أعلم ما هي حقوقي وما هي واجباتي كمواطنة او مقيمة في هذا البلد؟

متى سنصبح جميعنا كالجسد الواحد ، إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى؟!


لأختم كلامي هذا بأعز واغلى بيت شعر حفظته بقلبي من سنوات قليلة:

بلدي وإن جارت علي (عزيزة). وأهلي ( وإن جاروا علي ) كرامٌ.


كل وطن وأنتم بخير