بحث هذه المدونة الإلكترونية

بين منظمات متطرفة, ومنظمات متحررة.. ما موقف المجتمع من المرأة؟!

قضايا المرأة دائما تجد رواجا كبيرا في أوساط شبكات التواصل الإجتماعية، لأنها تمس حياة لبنة الأسرة وجوهرها، الأم والأخت والإبنة والاتي يقع عليهن مسؤولية إنشاء المجتمع. ولا يمكن أن ننكر قصور الأدوار التي تقوم بها بعض الجهات المسؤولة عن حمايتها، كونها نصف المجتمع ولها حقوق وواجبات.

في نوڤمبر ٢٠٠٥ انشيء برنامج الأمان الأسري وهو اليوم تحت مظلة وزارة الحرس الوطني، ثم في ٢٠١١ اطلق خط مساندة الطفل ١١٦١١، و في عام ٢٠١٣ صدر الأمر السامي رقم م/٥٢ لنظام الحماية من الإيذاء فوضعت لجان حماية موزعة على جميع مناطق المملكة وخط مجاني ١٩١٩ لإستقبال البلاغات وبمشاركة من جهات حكومية كوزارة الداخلية والصحة والتعليم والعدل.

المعضلة هنا في قصور دور بعض هذه الجهات تجاه توعية المجتمع بخطورة فقدان المرأة للأمان وعدم قدرتها على تحقيق الإستقرار النفسي والمعنوي تجاه الضغوط الإجتماعية والذي يمنح الرجل حق تولي مهام قيادة الأسرة حتى وإن كان غير أهل لتلك المهمة لأسباب مختلفة.

ولكن لماذا يجب علينا النظر للقضية بهذه الجدية حتى وإن كانت أقل من أن يهتم لها البعض؟!
المرأة بطبيعتها مخلوق عاطفي تبحث عن الإستقرار وتحلم بالأسرة منذ نعومة اظافرها، وحتى تركيبتها الفسيولوجية تدفعها للنظر بحرص نحو الأسرة فهي ذات فرص محدودة بعدد بويضات غير قابلة للزيادة منذ ولادتها، فإذا ما فقدت الشعور بالأمان فإنها وإن رضخت زمنا، سيأتي عليها يوم تبحث عن ملاذ يعيد لها توازنها النفسي، وإذا لم تهرب فهي ستُرضع أبنائها ذلك الشعور وبطريقة غير واعية، وغالبا ستنتج (إلا من رحم ربي) جيل غير مستقر رافض للقيود متردد في نظرته نحو كيان الأسرة، مما سيؤثر سلبا على المجتمع!! وفي إحصائية صادرة عن الهيئة العامة للإحصاء تذكر أعداد الزواج والطلاق لعام 2014 ، بلغ عدد صكوك الطلاق 46 ألف صك وبلغ عدد عقود الزواج 157 ألف عقد، ناهيك عن قضايا الإنفصال الغير معلن!!.

وفي عالم الإنترنت وإتساع الفجوة بين الأجيال ولإنعدام الثقة نتيجة ثقافة العيب والخطأ، يلجأ الشباب والفتيات للبحث عن مصدر معلومة بشكل أمن لإشباع حاجة نفسية مرتبطة بالظروف الإجتماعية الضاغطة والتي تدفعهم قصرا لإرتداء أقنعة مزيفة للتعبير عن خفايا شعورهم الحقيقي، و سهولة انتحال شخصيات وهمية عبر الإنترنت تخلصهم من جميع هذه القيود لتنفس حرية مزيفة مع مختلف ثقافات البشر حول العالم.

ومع أني لست مع نظرية المؤامرة لكن المطّلع الجيد لما يدور في عالم شبكات التواصل وكون الظروف السياسية التي يمر بها وطننا الحبيب وتزعزع الأمن في الدول المحيطة بنا تجعلنا نعيد النظر قليلاً في هذا المفهوم!!.

نعي جيدا أن الإنترنت إستطاع مع وجود عوامل إجتماعية سابقة في صناعة تيار فكري متطرف، وليس من المستحيل أيضاً ان يستغل لنشر مفاهيم وحلول مزيفة تستثير عواطف المرأة والرجل على حد سواء، فلكل شخص مفتاحٌ يحرك جوارحه، خاصة وأن مفهوم الحوار والنقاش وقبول الإختلاف غير مألوف حقا في طبيعة العلاقات الإجتماعية، وكما يوجد من يحلم بالجنة هناك من يحلم بالحرية !!

والخطورة هنا تكمن في إستهداف عصب الأمة (المرأة) والطرق على وتر حاجتها في بحثها عن الأمان والإحترام والتقدير، وهي العنصر المشارك والفعّال وليست مكملة للعدد أو مجرد كائن لا رأي له، وأمامها العديد من العقبات والتي قد لا تكون منطقية في بعض الأحيان ولا تتناسب مع مكانتها الإجتماعية او الأسرية أو العمرية، خصوصا أن المرأة السعودية حصلت على دعم الدولة لها والتي قدمت لها فرص وتسهيلات مساوية لحد ما بالرجل، فأثبتت تفوقها في العديد من المجالات والأصعدة، وهي المربية والعالمة والطبيبة والمفكرة والكاتبة.

إذا لم نواجه نحن هذا السلوك الجائر تجاه المرأة، ونساهم برفع فاعلية الجهات المعنية بحمايتها، وونطالب بإستحداث قوانين تساهم في تسخير الصعاب لها دون أن تقف بالمحاكم ضد أسرتها ومجتمعها، وهي مرغمة حائرة بين قرار خسارة أهلها أو حماية نفسها، فلن أتعجب من رؤية من يستغل شعورها هذا بالخذلان لخدمة مصالحة الشخصية ، وكما يقول المثل: " الغريق سيتعلق بالقشة",  فلماذا لا نكون نحن تلك القشة؟! لماذا ندع فرصة لمن لا يأبه للمرأة السعودية حقا ولكنه سيستغلها لتحقيق أهداف أخرى ستصب حتما في مصالحه المعادية للوطن؟!

قبل أن تشغلنا الهاشتاقات حول أسباب هرب هذه للإنضمام لمنظمة إرهابية، أو تلك التي إلتحقت بمنظمة حقوقية، وقبل إلقائنا للتهم ونحن نجهل خفايا تلك القصص وأسرار البيوت، هل تحدثنا عن قضايا حماية كرامة النساء داخل مجتمع يؤمن برسولٍ كريم كانت أخر كلماته  قبل أن ينتقل للرفيق الأعلى "إستوصوا بالنساء خيرا"؟

القضية ليست إسقاط الولاية أو تأثير الفكر المتطرف، بل واقع النساء داخل المجتمع، ويقع الأمر على عاتق الحظ الذي يمنحها أسرة تخشى الله فيها، لأن من تعيش وضع أسري وإجتماعي مريح، لن تنجرف خلف هؤلاء أو هؤلاء.

وتقديم الإستثناءات حسب ظروف بعض النسوة سيكون هو الحل الأمثل وسط هذا الزخم من المغريات الخادعة سواء من الداخل أو الخارج، والتي قد تبدوا مغرية في مظهرها خادعه في جوهرها، والإستثناء سيقطع الطريق على كل من يحاول المساس بعصب الأسرة خاصة من صغيرات السن اللاتي سيجدن أمثلة لسيدات حصلوا على الحلول المناسبة لعاداتنا وتقاليدنا دون أن يمس كرامتهم أو يؤثر على محيطهن الإجتماعي، مع إلتزامهن بتحمل كافة المسؤولية المتعلقة بهذا الحق الممنوح، فتصبح المبادئ والمفاهيم واضحة ومتجلية أمام الجميع بأن الحرية ليس إلا بداية لمسؤولية قد يعجز بعض الرجال عنها، لكن لا محالة من أن تؤديها المرأة إذا إستدعت الظروف لذلك، ولتسأل نفسها كل سيدة واعية: هل لو كانت لك كافة الصلاحيات لإتخاذ قرار ما وقال لك والدك "لا" ستعارضيه؟ أم إذا كنتِ تعيشين حياة زوجيه هانئة مع أطفالك وإختلفت حول قرار مع شريك حياتك فهل ستهدمين عش الزوجيه أمام ذلك القرار؟


المرأة لا تحتاج المساوة مع الرجل فهذا ظلم لها ومخالف لفطرتها، هي تحتاج فقط للعدل حتى تستطيع أداء مهمتها تحت رعاية ولاة الأمر، حالها حال أي مواطن مسؤول ومكلف بالحقوق والواجبات الموكلة إليه أمام الله وأمام المجتمع وأمام القانون.